كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن "هيبة الدولة." فالإعلام لم يمل خلال الأشهر الماضية من ترديد هذه العبارة والتذكير بأهمية ما تنطوي عليه من خطورة بالغة. بل إنه قد جرى اعتقال ومعاقبة بعض الكتاب والإعلاميين والناشطين في العمل العام بتهمة أنهم أغفلوا هذه الأهمية فتعدوا على هيبة الدولة أو أساؤوا لسمعتها و شوهوا صورتها في العالم إلى غير ذلك. وكذلك جرى معاقبة ناشطين وسياسيين وكتاب وغيرهم حتى أضحت في الآونة الأخيرة عبارات "تشويه صورة الدولة" أو "الإساءة لرئيس الجمهورية" تثير الرعب في القلوب.
فما هي هيبة الدولة؟ ولماذا تبرز الآن كموضوع حساس؟ فالدولة ما زالت تسيطر على الحيز الأكبر من الفضاء العام بل وتملك حق إدارة أكثر المؤسسات حساسية في المجتمع والتي تعمل من اجل رفاهنا أو حتى بقاءنا على قيد الحياة. الكل حريص على الدولة. ما هو إذن مصدر القلق على هيبة هذه المؤسسة العملاقة؟ هل يكون السبب هو أن خللاً ما قد وقع فيها أو في المجتمع أدى إلى انحسار هببتها او انكسار شوكتها ولو قليلاً؟
الدولة اصبحت أقرب إلى علاقات السوق التجاري من أي وقت مضى. و زيدَ الطين بِلّه بعدما انسحبت الدولة من الخدمة العامة. ثم اتضح أنها قد تنصلت من وعودها العتيدة بالتحرر، والتطور، والحياة الأفضل. لا شك ان كل هذا قد أضرَّ بمكانة الدولة كثيراً. وقد كان القائمون على الدولة على دراية بما يجري وكانوا يشعرون أن العامة قد فقدوا ثقتهم بقدرة الدولة على المهمات الموكلة إليها. وقد تم التعبير عن ذلك على نحو ضمني و علني. فقدان الثقة هذا دفع الناس للبحث عن بدائل في مختلف مجالات الحياة، من اقتصاد وإعلام وقانون و غير ذلك.
ودعونا نأخذ الدولة في مصر كمثال. ومصر هي أكبر الدول في المنطقة و صاحبة أضخم وأعرق المحاولات في بناء دولة حديثة. كما أن التطورات في مصر الآن تجعل كثير من القضايا شفافة أكثر من بلدان كثيرة. وحديثي عن مصر لا يستثني الدول العربية الأخرى خصوصاً تلك التي اتخذت مصر كقدوة ولفترة طويلة كالأردن على سبيل المثال. لقد تمتعت الدولة في هذه البلدان بمساحة هائلة من الفضاء العام وعلى مدى عقود طويلة نتيجة تضخم جهازها الإداري وتفاقم احتكارها للسلطة. و منذ قيام الدولة قامت بتشغيل معظم السكان و أخذت على عاتقها قيادة المجتمع ككل ومنعت بذلك كثيراً من القوى غير الرسمية من الاقتراب من ذلك الهدف. عندئذٍ أرادت الدولة من عموم الشعب أن يهبها شعوراً بالمهابة والاحترام بدل المهمات الجليلة التي تقودها.
وفعلاً، لقد تحقق للدولة ما شاءت، حيث كان امتلاكها لمعظم إشكال السلطة بادٍ للعيان. غير أن السلطة تحولت في الآونة الأخيرة إلى سطوة للأجهزة والمؤسسات الرسمية على الأفراد المستخدَمين فيها. وشتّان بين السلطة الحائزة على تراضٍ عام وبين السطوة الحاصلة بفعل الخوف والترهيب. يمكننا القول أن الدولة المحترمة طوعاً قد أصبحت من الماضي. أما الدولة الآن فتمتلك سطوة نابعة من تحكمها بلقمة العيش و كذلك من امتلاكها أجهزة بوليسية قادرة لو تشاء على عد أنفاس الناس. كما أنها قامت ببناء جيش جرارٍ قام بتجنيد أعداد هائلة من الرجال الذين تمكنوا بفضل ذلك من إعالة أسر بأكملها. هذا طبعاً إلى جانب جهاز إداري يستخدم الملايين من المواطنين للعمل بأجر. كل هؤلاء فقدوا القدرة على إيجاد بديل عن المرتب أو المعاش بعد سنوات من العمل في خدمة الدولة. ليس صدفة إذن أن يتباهى أحد أبرز رؤساء الوزارات بأن ستة ملايين شخص يتسلمون رواتب تقاعدهم من الدولة ومثل ذلك العدد أو يزيد ما زال يعمل لدى الدولة ويعتمد في عيشه مع عياله على ما يتسلمه من مرتب من الحكومة.
لكن، لقد جاء الوقت و تعرّت الدولة المعاصرة من رداءها الأخلاقي بعدما تخلت تدريجياً عن مهماتها التاريخية. والدولة عموماً من أخطر المؤسسات في التاريخ الإنساني. لذلك لا بد أن يكون لكلٍ منا موقف من الذي يحدث لها وفيها هذه الأيام. كما أنه من الأفضل أن يعبر كل واحد منا عن موقفه في الحياة العامة وخارج إطار المؤسسة التي توظفه. وها هو المجال الآن أصبح متاحاً لتفعيل دور المؤسسات التي تدافع عن حقوق المواطنة وهذا ليس فقط حق كل مواطن ولكنه واجبه أيضاً.
الأحداث الجارية الآن في بلداننا توضح أن هذه الدولة عموماً وليس في مصر وحسب تعامل الأهالي كقطعان بشرية بلا حقوق وتنظر اليهم كعبء. فهي تستأجر الشباب للعمل في معاملها مقابل أبخس الاجور. ولو كانت هذه المعامل وطنية بالكامل لكان ذلك أخف مصيبة. واقع الحال يظهر أن معظم صناعاتنا هي صناعات تابعة لمصانع أجنبية يذهب معظم الربح التي تجنيه إلى البلدان الأصلية للمصانع أو لشبكات من المستثمرين المحليين والأجانب الذين يتهربون من دفع الضرائب في بلادنا وبلادهم كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. كما أنهم لا ينتمون إلى أحزاب وطنية إلا عندما يضمن لهم ذلك شيئاً من المنفعة الاقتصادية.
والدولة في الحقبة الأخيرة المسماة بالعولمة لعبت دوراً خطيراً. فقد أصبحت تعطي الأولوية للاستثمارات الخارجية وتقوم بالكثير من أجل خدمة رأس المال الاجنبي بل وتعمل على تمرير القوانين التي تسهل عليه المنافسة ولو مع رأس المال المحلي. لقد استولى العاملون في الدولة على السلطة وحولوها إلى سطوة نتيجة استخدام القوة المادية وليس القوة المعنوية. السلطة في بلداننا ’الغنيمة‘ كما يقول محمد عابد الجابري رحمه الله. فمَن يستولي على السلطة في بلداننا يزيد نفوذه في السوق ثم يصبح غنيـّــاً ثم تصبح علاقته بالناس علاقة المتصدق بمتسولين. والدولة احتكَرت السوق منذ زمن. لكنها في العقود الأربعة الاخيرة تخلت عن هذا الاحتكار إلى بعض التجار الذين تسللوا أيضاً إلى قطاع الإعلام وصاروا يتلاعبون بمشاعر الناس عن طريق الإعلانات وبرامج "التوكشو" التي تلهب الغرائز وتعمل في آخر المطاف على ترسيخ ثقافة اللذة المفرطة نحو الاستهلاك.
وبالطبع تتسلل هذه الشهوات إلى جموع من الناس لا تملك القدرة المادية على تلبيتها مما يجعلها عرضة للاستغلال او الإحباط كما هو حاصل لقطاعات من السكان لا يستهان بحجمها. هذه هي الجموع نفسها التي أصبحت الدولة تعاملها كالقطيع من البشر تحركه شهواته. وهو مخزون هائل من قوة العمل ولكن يجب أن لا يعي حقوقه أو يسعى إلى تعزيزها. ففي ذلك ضمان لنجاح سياسة تفتيت القوى العاملة وإضعافها موقفها التفاوضي بمواجهة رأس المال. كما ان هذا القطيع غير منظم للدفاع عن حقوقه ولذلك من السهل التحكم بأفراده منفصلين عن بعضهم كما يعامل العبد او القن. وهذا هو ما يحدث لكثير من العاملين عند الدولة والقطاع الخاص وهما في بلداننا وجهان لعملة واحدة.
وهناك بعدٌ آخر يتعلق بالعولمة له أهمية بالغة. فالدولة المعاصرة لم تكن يوماً معزولة عن محيطها العالمي. لكنها لم تكن يوماً فقيرة كما هي الآن. ويصاحب فقرها المادي إفلاساً أخلاقياً وشبهات حول الفساد المادي وسوء استخدام السلطة إلى غير ذلك مما غدا معروفاً للقاصي والداني. والدولة انسحبت من قطاع الخدمات الاجتماعية و أصبحت منتجاتها تحتل مرتبة متدنية في السوق. بمعنى آخر فقدت الدولة شيئاً من أهم خصائصها الجوهرية كتنظيم إنساني يجسد المثل العليا ويسعى لتحقيقها عن طريق رعاية الحاجات الأساسية للمواطنين كحقوق أصيلة وليس مكتسبة. كما أن أجورها متدنية جداً في وجه التضخم.و هي أيضاً لا تطبق القانون إلا من أعلى إلى أسفل. كل هذا قد جعل الدولة تبدو مثل جسدٍ ضخم يثير الجزع لضخامته وعِظَم مسؤولياته. غير أنه يثير الشفقة أيضاً بسبب عجزه عن القيام بواجباته الأساسية. لقد تراجعت الدولة في بلداننا عن وظائفها ووعودها التي كانت تتلقى بسببها بالغ الاحترام وفائق الطاعة والولاء. فلم تعد الدولة تعير اهتماماً حتى لوعودها التي وفرت لها العصب الرئيس أيام نشوءها. الآن لم تعد هذه الدولة تهدف للتقدم والاستقلال والحرية والتحرير وهي المهمات التي قامت لتحقيقها أصلاً واستمدت منها شرعية حكمها.
الدولة تستمر في بلداننا ليس لأنها قويه ولكن لأنها أجهزت على كل الأطر السياسية-الاجتماعية التقليدية. و تطورت بشكل مرعب من الناحية البوليسية وذلك بفضل الدعم الذي توفر لها من القوى الطامعة في الخارج ومن ذوي الحظوة في الداخل. هؤلاء يوفرون للدولة السند المادي لامتلاك آلة إرهاب عظيمة ومراقبة احصائية دقيقة ودراسات فعالة في تقييم كل ما يجري في ثنايا المجتمع.
إن اسوأ ما في الدولة العربية المعاصرة هو محاكاة الدولة الغربية. لكنها لم تتقن هذه أيضاً. فقد استوردت دولتنا كل النظام الاقتصادي الغربي من سوق حر وتجارة بلا قيود. لكنها فشلت في استيراد حزمة الحقوق الملازمة لذلك النظام وهو حكم القانون والشفافية. هذا هو ما يصدم الشباب في هذه الايام ويبعث بهم إلى فورة هائلة ومتواصلة من الغضب والاحتجاج. وليس هذا مستهجناً. فهذا الشباب يبحث عن مكان محترم في هذا العالم ولا يجد. هذا الجيل سوف يثور ويكمل ثورته. و هو لا يحتاج بذلك إلى أي نوع من التحريض، فقد زودته دولته الخائبة ومؤسساتها المتكلسة بأقوى الدوافع للتحرك لرفض واقعه المزري.
وماذا بعد؟
ماذا يمكن ان يفعل الناس و هم يعيشون في ظل مجتمع باحث عن حريته بينما هو محكومٌ من قبل دولة قلقة ومهزوزة أو رخوة كما أحب إن يسميها أحد أنبه المثقفين المصريين وهو أستاذنا الدكتور جلال أمين. إن أهم القضايا التي يجب أن نبدى رأينا فيها هي المواطنة. إن علينا أن نجبر الدولة على الانصياع لمقتضيات هذا المفهوم الجوهري ليس في بلداننا وحسب ولكن في عالم مترابط. إذا لم نقم بذلك فإننا نفرط بواحد من أهم حقوقنا كبشر يعيشون في عالم مكون من دول نحن فيها مواطنين لم يعودوا ينتمون إلى قبائل أو طوائف كما كانوا قبل ظهور الدولة الحديثة. وللعلم، فقد قضت الدولة على هذه الأشكال السياسية قضاءً مبرماً. وعندما أبقت على بعضِ منها كان ذلك كي تستفيد منها في إحكام قبضتها على السكان التي يتبعونها. ونحن لن نتمكن من التخلص من الظلم والفقر والحرمان الذي تعانيه قطاعات واسعة من مجتمعاتنا بدون المواطنة، ليس فقط كحق ومفهوم وقيمة مجردة ولكن كمهارات عملية أيضاً. لقد آن الأوان أن تصبح هذه المهارات جزءاً جوهريا من المقررات المدرسية كما يجب أن تُــناقَش علناً في المعاهد والجامعات والجوامع.
ولكن من أجل تحقيق ذلك لا بد أن نتحول من الانفعال إلى الفعل. ونحن للأسف ما زلنا في الغالب انفعاليين بحيث يستطيع أصحاب النفوذ منا أن يسوقونا كالأنعام بعد شهر أو شهرين من الشغل على مشاعرنا بل وغرائزنا في فضائياتهم و أدوات تحريضهم. هذه الوسائل غدت بادية كالشمس في وضح النهار. غير أننا لا نلحظها بسبب انفعالنا الدائم وعدم قدرتنا على القيام بأفعال مستقلة مبنية على التحليل العقلاني البارد الذي يجب أن يُحدث توازناً مع انفعالاتنا النارية المفرطة أحياناً.
وينبغي الإشارة إلى قضية هامة في هذا السياق. لقد أصبح ممكنا ً تحقيق قدر معقول من الاستقلال عن الدولة الاحتكارية. أن على المجتمع الآن مهمة استرداد دوره في إعالة نفسه بنفسه ولو اقتضى ذلك إجبار الدولة على الانصياع لمتطلباته وحقوقه وليس أقلها حق الجميع وبلا استثناء بالمواطنة والمساواة أمام القانون. فلا ضير أن يسعى الناس اليوم أن يصبحوا رأسماليين صغاراً يسعون إلى استثمار أموالهم وثرواتهم المتواضعة في تحسين موقعهم التفاوضي مع الدولة التي سلبتهم قدرتهم على الإنتاج المادي والمعنوي وحولتهم إلى جموع من البشر المشلولين سياسياً و المعتمدين اقتصاديا و التابعين معنوياً. وقد حدث فعلاً الاستثمار الاهلي لرأس المال في العقود القليلة السابقة في مصر و الأردن على سبيل المثال إلا أنه أدى إلى نشوء قوى هي الأخرى غير ديمقراطية حاولت إلى حد ما محاكاة الدولة الأبوية ولو بلغة دينية. غير أن ذلك لا يعني انسداد الباب أمام محاولات جديدة.
وهنا لا بد من التنويه بأن الخط الفاصل بين العام والخاص ما هو إلاّ من اختلاق الفكر الحديث ذي الجذور الأوروبية. الحياة الاقتصادية في أجزاء العالم المختلفة منظمة حسب مبادئ مختلفة. والمجتمعات الإسلامية ليست استثناءً في هذا السياق. وهناك الكثير من الاجتهادات والإمكانات الفكرية التي لم تُفعَّل بعد، ليس بالضرورة من قبل مفكرين مصريين ولكن من غيرهم. لقد عمل هؤلاء على إيجاد فواصل جديدة و أسساً للتعامل والتكافل تختلف عن تلك المتداولة الآن والتي تفصل بشكل قاطع بين ما هو عام وما هو خاص. و هناك إسهامات هامة من الدراسات الاقتصادية المقارنة خصوصاً في حقل أنثروبولوجيا ما بعد الاستعمار.
ورجوعاً إلى الفكرة في الافتتاحية لهذا ألمقال لم يعد هناك مبررٌ للقداسة التي تحيط بالمؤسسات العامة والتي تجعل الكثير ممن يعملون في القطاع الحكومي يمتنعون عن المشاركة في الشأن العام بما في ذلك النشاطات الاحتجاجية. الدولة الحالية لم تعد الدولة التي نشأنا على احترامها. بل إنها دولة مُخترقة من القطاع التجاري. لقد تخلت عن وظائفها الأصيلة في حماية المجتمع. لقد آن الأوان ان نمارس أدورانا كمواطنين أحراراً نسعى إلى تفحص التطورات التي طرأت على الدولة التي ننتمي اليها ونتساءل: هل هي أهلٌ بالمهمة العظيمة الملقاة على عاتقها وهي تقرير مصائرنا ومصائر الاجيال من بعدنا. وفي حال اكتشفنا أن هذا الكيان لم يعد قادراً على القيام بمهامه وتحقيق وعوده، لا بد لنا من البحث عن بديل مهما تكن التضحيات. إنه في نهاية المطاف مستقبلنا جميعاً وليس مستقبل تلك القلة التي احتكرت السلطة والمال فاستعبدت العباد قبل ان تبيع موارد البلاد بثمن بخس دراهم معدودات كعمولة لقاء عمالتها؟
إن هناك فرصاً لخلق شبكات من التعاون الاقتصادي الشعبي المستقل عن الدولة وعبر الحدود القومية. وهذا أيضاً جرى تجريبه وشهد نجاحاً ملحوظاً. وباختصار إن فكرة الدمج بين العام والخاص وفكرة تجاوز الحدود القومية كانت لها فوائد جمة للدولة، فلماذا لا تستفيد منها القوى الشعبية التي تسعى للخلاص من استعباد الدولة وتحكمها في البلاد والعباد بطريق احتكار كل وسائل العيش ووسائل الاستثمار.
إن الحديث عن هيبة الدولة العربية عموماً يثير الاستغراب السخرية معاً. هيبة؟ لماذا؟ أبفضل التدهور الاقتصادي والفقر الرهيبين ؟ أم مكافأة على الهزائم العسكرية المتلاحقة؟ أم بسبب المديونية الضخمة المصاحبة للترهل الإداري والفساد ؟ أم لقاء الظلم و الرخاوة في تطبيق القانون على الجميع؟ كل هذا يجعل الحديث عن خيبة الدولة أولى بكثير من التغني بهيبة متخيلة الهدف منها الترهيب لا غير. ملاحظة أخيرة خاصة بالدولة المعاصرة وليس الدولة في بلداننا وحسب. إن هذا الجسم الاداري السياسي الضخم الذي احتكر السلطة والحق باستخدام العنف قد عفى عليه الزمن وظهرت علامات إفلاسه في أكثر من مكان في بقاع الأرض. أخيراً فإن شمال غرب أوروبا و شمال أمريكا التي نحب أن نتخيل أن فيها دولاً قوية ليست استثناءً من ظاهرة تراجع الدولة بل و إفلاسها. ولكن هذه الدول صناعية وديمقراطية وتتبع مقاماً آخر له مقالٌ يتبع.